Habib Medawar
December 17, 2012 ·
أعطيت المؤسسة اللبنانية للارسال هذا الوثائقي من قبل السيد حبيب نقولا باخوس المدور وقد بثته من خلال برنامج عظماء من لبنان في تاريخ 10 أبلول 2006
صغير السن كنت( بشارة نقولا صالح المدور), وعملت في (النجارة) تحت اشراف والدي. كنت اعود متعبا ً من العمل وانتظر وقت المساء بفارغ الصبر كي ابدأ بمطالعة بعض كتبي التاريخية والادبية.
وفي ليلة من ليالي الشتاء العاصفة والمثلجة واثناء انسجامي في القراءة, دق باب بيتنا وإذا بامرأة تتشح بالسواد, هي (ماري المدور ابنة ابراهيم ابن حنا وابنة عم نعمة الله المدور) تعيش مع اختها ( عفيفة ابنة ابراهيم ابن حنا وزوجة عبود خويري, مختار عجلتون ووكيل الوقف في ذلك الوقت. وكانوا يملكون منزل فكتور مراد الحالي. ) المريضة بداء الربو. وكان ابن اختها المرحوم طانيوس القسيس قد أمّن جميع احتياجاتهم قبل نزوله الى العاصمة بيروت, ولكن شاء القدر ان تدق بابنا أثناء الليل لطلب المساعدة بعد ان اخبرتنا ان اختها مريضة جداً, فأرسلني والدي لمساعدتهم وتبين انها منزعجة من رائحة المازوت العابقة في ارجاء المنزل, فقمت بإعادة اشعال (الصوبيا- أي المدفأة), وكانوا يستعملون المازوت في ذلك الوقت, فطلبت مني الجلوس وبدأت تقص عليّ حياة اللورد يوسف اغناطيوس المدور فجاء ما يلي:
ولد يوسف اغناطيوس المدور في قريته في عجلتون سنة 1857 من والدين طبيبين.
كانت العائلات في ذلك الوقت تعتاش من الماشية والزراعة وكان يوسف يحب المطالعة والعلم من تلقاء نفسه ومرة أوكله أباه اغناطيوس برعاية الماشية ولكنه كان مشغولا ً بالقراءة فنزلت الماشية الى الحقل واتلفته فما ان رأى والده الحقل حتى قام بضربه ضربا ً مبرحا ً على اثره قام بالهرب من منزله في عجلتون وبحوزته ساعة والده الذهبية وجنيه استرليني واحد. تابع سيره من عجلتون مرورا بالناقورة وصولا ً الى فلسطين ومنها الى عريش مصر, وكانت في ذلك الوقت معارك طاحنة بين جيش الانكليزي وجيش المهدي في السودان أيام حكم الخديوي اسماعيل أواخر القرن الثامن عشر فدخل مع الجيش الانكليزي ليعمل لديهم ويساعدهم في بعض الامور فعاش لفترة معهم وتعلم الانكليزية وكان ذكيا ً فعمل كمترجم لديهم, واتضح له في ذلك الوقت ان بعض القادة كانوا يرتشون وكانت كل فرق الجيش الانكليزي بعيدة عن بعضها 500 كلم من الخرطوم وكانت دائما” تلقى حتفها.
وكان جيش المهدي يقومون بتجهيز كمين مدبّر قي كل مرة وكان الانكليز بذلك يخسرون الحرب فتدارك يوسف الامر وعلم بالمخطط المتبع فطلب فورا ً مقابلة الجنرال الانكليزي غوردن القائد العام وهو ذو نسب عريق وقد أرسل لانهاء التمرد ، ولكنه منع من الدخول. سمع الجنرال غوردن بالامر فأرسل بطلبه وسمح له بالدخول فطلب منه صرف الحراس ليتكلم معه على انفراد وبالسر فامر الجنرال غوردن بذلك. سرد يوسف ما استنتجه من شكوك وحقائق وطلب من الجنرال غوردن اخذ الحذر ونصحه بتغيير خطة الهجوم المتبعة للتمكن من القضاء على العدو. فأعجب الجنرال غوردون به وعمل بنصيحته وبذلك انتصروا على جيش المهدي.
غمرت السعادة الجنرال غوردون وعلمت الملكة بالانتصار الذي تحقق على يد لبناني من الشرق فطلبت الاستفسار عن كافة تفاصيل حياته, وكان القائم في ذلك الوقت على معرفة ببعض الشخصيات فطلب من الباشا عبد الله صفير في مصر تزويده ببعض المعلومات عن يوسف ابن اغناطيوس حنا المدور والباشا صفير كان على معرفة باحد البطاركة اللبنانيين في ذلك الوقت فتمكن البطرك من الحصول على المعلومات المطلوبة من خوري الرعية في كنيسة مار زخيا – عجلتون وقام بإرسالها الى القائم الذي ارسلها بدوره الى الملكة التي ارسلت على الفور بطلبه لمقابلتها وقررت مكافأته, فطلب منها اتمام دراسته فأرسلته الى لندن ومنحته وسام الشرف (صليب الملكي فكتوريا) والجنسية الانكليزية وهناك تخصص في السياسة والخزينة والمالية في أعلى المعاهد البريطانية وبالنسبة لجوزف أخذ يتقدم أكثر فأكثر وكان موثوقا به لحل كافة المشاكل المهمة في المملكة البريطانية والجوار والشرق الاوسط . وبفضل قيادته تم العديد من المهمات بنجاح ومن تلك المهمات الاكثر شهرة مع غاندي .وعلى طريق الشهرة أرسل جوزيف بطلب اخوته الاصغر منه سنا” وهم شكري وعبدالله وسعد الله,ونعمة الله,ورزق الله ومريم ورجوم الى لندن ووضعهم في مدرسة لتعلم الانكليزية ونالوا الجنسية البريطانية, واخوته الاكبر سنا” عبدالله وشكري سافرا حول العالم وقد اصبح عبد الله فيلسوف معروف في فرنسا بإسم ((Samaritan of the Orient
وقد حاز اللورد يوسف المدور على عدة أوسمة وأصبح لورد سنة 7 أيلول 1897. وفي نفس السنة تزوج من أحدى بنات اللوردات . وبعدها بمدة قصيرة توفي مسموما.(تجدون صورة في ندوة الامبراطورية في لندن في أيلول 1897)